منوعات

وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله

علينا بالإحسان بمناسبة غلاء الأسعار واحتكار السلع

 

بقلم الاستاذة الدكتورة : شمس  راغب 

 

• الحمد لله الرؤوف الرحيم ، البر الجواد الكريم ، الحمد لله الذي
وعد المنفقين أجرا عظيما و خلفا ، وأوعد الممسكين لأموالهم عن
الخير عطبا وتلفا . اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
• علينا جميعا أن نتقي الله حق تقواه ، وارحموا عباده تفوزوا
بثوابه ورضاه. قال تعالى :” وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو
خير الرازقين ” سبأ ٣٩ . وقال تعالى :’ وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ” المزمل ٢٠ .

• هل ورد لفظ التجارة في القرآن الكريم ؟
• نعم ورد لفظ التجارة تسع مرات في القرآن الكريم .

• هل يجوز قول التجارة مع الله ؟

• أخبر الله تعالى أن هذه التجارة مع الله جل وعلا حينما يريد
بها المؤمن رضا الله ، أنها تجارة رابحة ، وأن عاقبتها إلى خير ؛

يقول الله تعالى : – يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم . تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم . ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون –
الصف : مدنية ١١ .

• ما مفهوم التجارة الرابحة مع الله ؟

• التجارة الرابحة مع الله تكون في طاعته وتقواه : من أطاع الله واجتنب معاصيه ، فقد ربحت تجارته ، وإن كان لا يملك بضاعة ، قال لقمان لابنه يوصيه : ” يابني اتخذ طاعة الله تجارة
تأتك الأرباح من غير بضاعة .

• ما مفهوم التجارة مع الله ؟

التجارة الرابحة مع الله هي التي نتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى ، بالعبادات الخالصة وبالمعاملات الشرعية لنحقق رضاءه ، ونسعد بالحياة الطيبة في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة .

• والتجارة مع الله ، أن يحافظ الإنسان على ما أمره الله سبحانه وتعالى بالالتزام به وأن يبتعد عن كل مانهى عنه وتكون
بالإكثار من فعل الخيرات .

• وقال رسول الله – صلى عليه وسلم – : ” ينزل كل صباح يوم ملكان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا ” صحيح البخاري . (١) .

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله – صلى
الله عليه وسلم . : ” التاجر الصدوق الأمين مع الصديقين
والشهداء ” رواه الترمذي .

• ونقول وجه الجمع بين هذه الأخبار تفصيل الأحوال : فنقول :”
لسنا نقول التجارة أفضل مطلقا من كل شيء ، ولكن التجارة إما
أن تطلب بها الكفاية أو الزيادة على الكفاية .

• فإن طلب منها الزيادة على الكفاية ، لاستكثار المال وادخاره ،
لا ليصرف إلى الخيرات والصدقات ، فهي مذمومة ؛ لأنه إقبال
على الدنيا التي حبها رأس كل خطيئة ، فإن كان مع ذلك ظالما
خائنا فهو ظلم وفسق .
• فأما إذا طلب بها الكفاية لنفسه وأولاده ، فالتجارة تعففا عن
السؤال أفضل ”
• أيها الغني الذي عنده فضل من رزقه وماله ، عد على أخيك
المعدم وترفق لحاله ، ف ” الرحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من
في الأرض يرحمكم من في السماء ” رواه أبوداود (٢) .

• ماهو الاحتكار وما حكمه في الإسلام ؟

• الاحتكار شرعا هو اشتراء القوت وقت الغلاء وإمساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق ، وهو محرم ومن يفعله آثم لما ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ” المحتكر ملعون ” وقوله : ” من احتكر طعاما أربعين ليلة ، فقد بريء من الله ، وبريء الله منه ”
ويجري الاحتكار في كل ما يحتاجه الناس ويتضررون من حبسه
من قوت وطعام وثياب وغير ذلك .

•ما معنى احتكار السلع ؟
• الاحتكار لغة : من الحكرة وهو السيطرة . اصطلاحا هو حبس الطعام أو كل ما يضر الناس أو يعسر عليهم وقت الحاجة الماسة
حين تكون قليلة أو نادرة حتى يرتفع ثمنه فيبيعه .

• ارحموا إخوانكم الذين قلت أموالهم بسبب غلاء الأسعار ، ارحموا
عبادا اختلت أمورهم وضعفت أحوالهم ، ارحموا عبادا كانوا بالأمس أغنياء واجدين فأصبحوا من كل ما يملكونه فقراء معدمين بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار ، ارحموا الناس الذين أصابهم الجهد والفقد والضراء ، يرحمكم الرحمن في حالة السراء والضراء .
• علينا جميعا أن نثق بوعد من لا يخلف الميعاد ، ومن ليس لخيره وفضله نقص ولا نفاذ ، فإن الله وعد على الإنفاق الأجر
ومضاعفة الثواب ، ومدافعة البلايا والنقم والعذاب ، بالخلف العاجل
في المال ، والبركة في الأعمال ، ووعد بفتح أبواب الرزق وصلاح الأحوال ، فكونوا بوعده واثقين ، وببره ومعروفه طامعين

فالقليل من الإنفاق مع النية الصادقة الصالحة يكون كثيرا ، وينيل
الله تعالى صاحبه مغفرة وأجرا كبيرا.

• قال رسول الله – صل الله عليه وسلم -” من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب – ولا يقبل الله إلا الطيب – فإن الله يتقبلها
بيمينه ، ثم يربيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون
مثل الجبل العظيم .” صحيح البخاري .(٣)
وقال – صلى الله عليه وسلم – : ” واتقوا النار ولو بشق تمرة ” صحيح مسلم .(٤)

• ليتصدق أحدنا من ماله ومن دراهمه ومن دنانيره ، ومن صاع
بره ، ومن صاع شعيره ، كيف يشبع أحدنا وأخوه في الإنسانية
جائع ، كيف يتقلب أحدنا في النعيم نعيم الدنيا وأخوه معدم فاقد ، أين أهل الرحمة والشفقة ، وأين من يقتحم العقبة : – قال
تعالى : ” وما أدراك ما العقبة . فك رقبة . أو إطعام في يوم ذي
مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ” البلد : ١٢ – ١٦ .

• لقد قست بعض القلوب فما ينفع فيها وعظ ولا تذكير ، ولقد
قلت رغبة البعض في الخير فما يؤثر فيهم تحذير ولا تشويق
ولا تحذير ، أين نحن من أهل الصدقة والإحسان ، الذين حنوا
بما في قلوبهم من الرحمة على الإنسان يسارعون إلى الخيرات
وإخراج الموجبات ، ويفرحون بالمال الذي يدفعون به الحاجات
والضرورات ، ويتقربون بذلك إلى رب السموات ، أولئك الذين
يظلهم الله في ظله الظليل .

•وأولئك الذين حازوا الأجر والثواب الجزيل ، وسلموا من العقاب
والعذاب ، فليبشروا بالخلف العاجل من المولى سبحانه وتعالى
وبالبركة في أعمالهم وأعمارهم وأرزاقهم والخير الجميل .

• قال تعالى : – إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور . ليوفيهم أجورهم .
ويزيدهم من فضله . إنه غفور شكور – فاطر : مكية ٢٩ ، ٣٠
——————————————————— :
(١) أخرجه البخاري في صحيحه برقم ” ٤٩٤١ ” ومسلم في صحيحه
برقم “١٠١٠ ” من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
(٢) أخرجه أبو داود في سننه برقم “٤٩٤١” والترمذي في سننه برقم
” ٢٠٠٦ ” من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما .
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه .
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى